موقف روسيا من قضية الصحراء الغربية
في ظل التطورات التي يشهدها شمال إفريقيا من حالة تتراوح بين اللاأمن أو الاستقرار النسبي الذي تعيشه دول المنطقة، وما يحدث من متغيرات في دول الصحراء الكبرى، والانقلاب الأخير في النيجر، وكذلك توسع أو انتقال الصراع من أوكرانيا في أوروبا إلى الدول الإفريقية، يطفو على السطح موضوع قضية الصحراء الغربية الذي يبقى بلا حل، رغم المساعي الفردية والجماعية لتسويته؛ بسبب الاستعمال السيئ المستمر للقضية كورقة ضغط حسب مصالح الدول المتدخلة في هذا الموضوع. ما الصحراء الغربية؟الصحراء الغربية هي المنطقة الواقعة شمال غرب إفريقيا، عاصمتها العيون، ومساحتها (266.000) كم²، تحدها من الشمال المملكة المغربية بحدود (433) كم²، ومن الشرق الجمهورية الجزائرية (42) كم²، ومن الجنوب جمهورية موريتانيا (1560) كم²، أما من الغرب فيحدها المحيط الأطلسي بشريط ساحلي يقدر بنحو (110) كم. تتميز المنطقة بمناخ صحراوي حار جاف. تقدر أعداد الشعب الصحراوي بنحو (588.769) نسمة، أكثر من (170.000) نسمة يعيشون في مخيمات اللاجئين بولاية تندوف الجزائرية الحدودية. أما الموارد الطبيعية، فتحتوي الصحراء الغربية على كثير من المعادن، مثل: (الفوسفات، والحديد، واليورانيوم) كما يسود اعتقاد بوجود احتياطي نفطي ضخم في سواحل المنطقة سنة 2006، بعد قيامها بمسح زلزالي ثلاثي الأبعاد، وتوصلها إلى اكتشاف خمسة مواقع نفطية[1]، إلى جانب تمتعها بثروة سمكية للصيد المكثف على طول ساحل المحيط الأطلسي.
المتحدة رقم (2625) ما یلي: “إن على الشعوب عندما تكون بصدد تحقیق تقریر مصیرها أن تبحث وتتلقى الدعم وفقًا لأهداف قانون الأمم المتحدة ومبادئه”، كما أن الأمم المتحدة والمنظمات الإقلیمیة لم تمانع أو تندد باستقبال الجزائر للاجئين الصحراويين.على جانب العلاقات الجزائرية- المغربية، وقع البلدان عام 1969 و1972- على مرحلتين- معاهدة ترسيم الحدود وحسن الجوار؛ تتويجًا لانتهاء الحرب والنزاع الحدودي. لكن في عام 1976، أعلنت الرباط عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر احتجاجًا على قرار الأخيرة الانضمام إلى عدد من الدول الإفريقية التي تعترف بالقرار الأحادي لجبهة البوليساريو بإنشاء ما يسمى بالجمهورية العربية الصحراوية.في 26 فبراير (شباط) 1976، تنازلت إسبانيا رسميًّا عن الصحراء الغربية، وانتقل النزاع إلى أطراف جدد في البداية بين جبهة البوليساريو والمغرب وموريتانيا، ومع انسحاب الأخيرة، أصبح بين البوليساريو والمغرب. طوال هذه المدة تراوح النزاع بين المفاوضات أحيانًا والمواجهات المسلحة المتفرقة أحيانًا أخرى، وما بين الطعن في قرارات الأمم المتحدة الصادرة في شأن القضية ورفضها، وقد أدى كل هذا إلى طريق مسدود وتأزيم الوضع.
تطبيقه ردًا على كثير من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي اعتُبرت أفعالها انتقادات لملكية المغرب للإقليم. لقد ذهبت المملكة إلى حد منع افتتاح سلسلة محلات “إيكيا” للأثاث في مراكش بسبب المعارضة السويدية المتصورة للمطالب المغربية. أدت هذه الإجراءات إلى تأثير مخيف بشكل فعليّ بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي؛ تلاحظ إيرين فرنانديز مولينا وماثيو بورجيس “أن المغرب جعل أي نقاش عام بشأن الصحراء الغربية من المحرمات تقريبًا”.في العموم، الاتحاد الأوروبي غير راغب في تعريض العلاقات الطيبة مع شريك جوار رئيسٍ مثل المغرب للخطر، ولكنه بالمثل غير راغب في انتهاك التزامه بعملية السلام الجارية تحت رعاية الأمم المتحدة من خلال الاعتراف بالسيادة المغربية على الإقليم.
السوفيتي أصر على حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير، والتسوية السلمية للمشكلة، لكنه أصر أيضًا على ضرورة مراعاة جميع أطراف النزاع، وهو ما قد يعني أن الاتحاد السوفيتي قد أعطى ضمنيًا بعض الشرعية للمطالبات المغربية الإقليمية.
تسعى روسيا في إفريقيا إلى إيجاد الدعم والمواد الأولية مع دول المنطقة؛ لذلك نجدها في موقفها تجاه الصحراء الغربية تستعمل معيار الازدواجية: “تدعم الشعب الصحراوي في حقه في تقرير المصير، وتدخل في علاقات اقتصادية قوية مع المغرب الذي يعتبره الصحراويون الداعون إلى الاستقلال العدو الأول، وهي بهذا تربح نفوذًا في الصحراء، وتضمن شريكًا اقتصاديًّا في المغرب”.يلاحظ كذلك أن الاتحاد الروسي لا يخشى التصعيد في المنطقة؛ فهو شريك عسكري بالدرجة الأولى للجزائر، وشريك اقتصادي جيد للمغرب- وكلاهما يعتبر قضية الصحراء الغربية قضية مبدأ لا يتزحزح عنه- ويدعم (أي الاتحاد الروسي) في الوقت نفسه الصحراويين في حقهم في تقرير المصير تحت مظلة الأمم المتحدة.تدعم مساندة الاتحاد الروسي للقضية الصحراوية إستراتيجيتها في محاصرة أوروبا بعد الأزمة الأوكرانية من جنوب البحر الأبيض المتوسط؛ فروسيا موجودة فعليًّا كل دول المنطقة التي تتمتع بفائض ثروات من “الموارد الطبيعية” المصدرة إلى أوروبا: (ليبيا، والجزائر، ومالي، والنيجر)، أما ورقة الصحراء الغربية فهي ورقة مرهونة بدعمها، ويمكن استعمالها إن لزم الأمر في أي وقت.