من يخرق السفينة؟!

من يخرق السفينة؟!

بعد تولي الرئيس الحالي للسلطة، أستدعي من بعيد رجل ذو خلفية عسكرية (ولد الليلي) للقيام بمهمة حاسمة في بناء جهاز شرطي قادر على القيام بمهامه.

أشترك الرجل لتولي منصب مدير الشرطة أن تمنح له الصلاحيات اللازمة وتسخر له كل الإمكانيات البشرية والمادية للقيام بمهامه، وافق أعلى هرم السلطة على الطلب.

بدأ الرجل في تنفيذ خطة عملية طموحة ومحكمة تفضي إلى بناء جهاز شرطي محترف ومتمكن، ففتح أبواب الانتساب للشرطة وحاول معالجة ملف المنتسبيين الفضائيين، وضم كوادر شابة ذات كفاءة إلى ديوان وهياكل الجهاز وسخر إمكانيات مادية معتبرة لتمكين الشرطة من أداء واجباتها وتعهد بمعالجة إشكاليات أخرى.

وموازاة مع تنفيذ أولى خطواته الإصلاحية في الجهاز، بدأ أوتاد الفساد من مدراء ومسؤوليين في الجهاز بتعطيل سياساته والتأمر لإفشالها. ثم أصتدم الرجل بالحيتان الكبيرة، وحدث تضارب للمصالح وتنازع للصلاحيات والمهام مع الجهات ذات العلاقة بجهاز الشرطة كالأمن والداخلية والولايات.

فما كان من تلك الحيتان وهم أعضاء أمانة وطنية في الغالب إلا أن أنكروا على الرجل سياساته الإصلاحية الجذرية، فبدءوا بالتأمر للحفاظ على الواقع المزري الذي يملئه التخبط والفساد، فخيروا الرئيس بين أنفسهم وهم الوزراء وأعضاء الامانة وبين مدير الشرطة الذي يغرد وحيدا معزولا، فكان أن تخلى الرئيس بكل سلاسة ودون امتناع عن المدير، ومع تراجع الرئيس عن وعده بتمكين الرجل من الصلاحيات اللازمة، بدأت الأمور تسيير نحو التضييق الممنهج المعطل لسياسات مدير الجهاز الإصلاحية، ثم سحبت أغلب الصلاحيات تدريجيا منه، حتى أجبر الرجل على حمل حقيبته و رحل تحت غطاء “المرض”، وقد أقبرت محاولات الرجل الإصلاحية لتتبع ما سبقها من محاولات سابقة أفشلت وهي في المهد، ومنذ ذلك اليوم لم يشهد أي جهاز أمني محاولة حقيقية وجادة للإصلاح. يحيل الأمر إلى خلاصتين، أن أعلى السلطة لا إرادة سياسية جادة له لإصلاح المؤسسات وتقويم الوضع، ثانيا، أن من يخرق السفينة هم القادة والنخبة الحاكمة من أعلى هرمها حتى أدناه.

بقلم :عالي محمدلمين.