لماذا لم تعد مهنة الاعلام جاذبة للخريجين والمتكونين؟
لا اتحدث هنا عن هجرة الاعلاميين او انكفائهم على ذواتهم، في الأعمال الحرة، لان تلك الحالة المخيفة تعيشها جل قطاعتنا الحساسة (الصحة، التعليم، الادارة) بل ما انا بصدده هو عجز وزارة الاعلام عن استقطاب قلة من عشرات الخريجين سنويا او حتى المتكونين.تخيلوا ان معهد بصيري للتكوين الاعلامي، الذي فتتح منذ سنتين لتعويض النقص، ومد الوسائط الإعلامية بكوادر “الاعلام المقاوم” عدد المتكونين فيه الان لا يتجاوز اصابع اليد الواحد! أدري ان العزوف عن التكوين ظاهرة اصبحت تعانيها جميع القطاعات، ومراكز التكوين شبه فارقة، لكن انطلاقا من ان دعم الاعلام يعد “اولوية” في برنامج الجبهة والدولة، تجسدة عبر تخصيص منحة شهرية لعمال القطاع مخصومة من عوامل الصمود، حق لنا التساؤل هل الفشل سببه اساليب التسير البالية، وتعين رماة على زناد “سلاح المرحلة” لا يملكون ادنى تصور عن فصول المعركة؟ بالتالي أضاعوا الذخيرة وحطموا معنويات جنود الاعلام المقاوم، لا بل اصبحوا مصاعب في طريق الانتساب الى ” مهنة المتاعب” إلا من رحم ربي.
في ظل حاجة مؤسساتنا الاعلامية، الى منتسبين جدد قد يكون من المفيد تبني مبادرة مثل التي اطلقها مكتب الشبيبة بولاية السمارة عبر اشرافه على دورة تكونية مؤخرا حول الاعلام المقاوم، والاستثمار في تلك المواهب، بدل اطلاق اشعارات عبر الاذاعة الوطنية مثيرة للشفقة، وغير مجدية.
ان ثقافة الربح السريع التي طرأت على معظم شبابنا ومحدوية “الاستفادة الشهرية” وبعد اماكن العمل “الرابوني” ورغبة المنتسبين الى الاعلام في العمل بالإذاعات الجهوية، خاصة “النساء” وضغط العمل “خمسة أيام في الاسبوع” افقد العمل بالمؤسسات الاعلامية جاذبيته، وكرس ظاهرة “العزوف”
حاليا تستحوذ الوزارة على غلاف مالي كبيرة كل شهر، معظمه استفادات عمال منقطعين عن العمل، والغريب في عقيلة تسير المؤسسة الاعلامية انها اذا نقطع موظفين عن مزاولة مهامهم احتفظت براواتبهم، وجعلت مهامهم عبئاً اضافيا على البقية “الصامدة” دون زيادة نسبة قليلة من استفادة المنقطعين لتحفيز البقية، وهذا في حد ذاته خلق ثقافة يئس واتكالية، انعكست بدورها على نوعية ومهنية الخطاب الاعلامي اليومي.
بارعة هي المؤسسة الاعلامية في التضييق والاقتطاعات وفاشلة او متغاضية عن الحلول الجذرية او اشباه الحلول.
الإعلامي :الناجم لحميد