قراءة في زيارة الوفد الأمريكي للجمهورية الصحراوية

قراءة في زيارة الوفد الأمريكي للجمهورية الصحراوية

تمثل زيارة وفد رفيع المستوى من وزارة الخارجية الأمريكية للجمهورية الصحراوية وجبهة البوليساريو حدثا سياسيا مهما لاسيما بعد الموقف المتطرف لإدارة دونالد ترامب وبعد فترة الجمود الطويلة لمسلسل السلام الأممي بفعل سياسة الأمر الواقع المغربية في التعاطي مع العملية السياسية الأممية و بعد تصاعد الصراع الإقليمي عسكريا وسياسيا، فما هي دلالات هذه الزيارة؟ وهل تمثل قطيعة مع إعلان دونالد ترامب؟ وهل تحمل أمريكا مبادرة جديدة لحلحلة الصراع.؟

تعبر زيارة وفد بهذا الحجم والوزن السياسي ممثلا في نائب مساعد كاتب الدولة الأمريكية جوشوا هاريس إلى الجمهورية الصحراوية وجبهة البوليساريو عن قطيعة صريحة مع إعلان إدارة دونالد ترامب.

لا تحمل الزيارة – في اعتقادي- مقاربة أمريكية جديدة رغم أنها تحدثت عن اصطفافها مع المسار الأممي وعبرت عن دعمها لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام لحلحلة الصراع وانما العودة به إلى مرحلة التوازن والاستقرار الذي يخدم مصالح أمريكا وحلفائها الأوروبيين.

أكدت للاحتلال المغربي بشكل لايداع مجالا للشك أن الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربيةمجردة لعبة سياسية فقط من أجل التطبيع كان المخزن أحد ضحاياها.

ترى إدارة جون بايدن أن سياسة الإدارة الجمهورية السابقة المنحازة للأطروحة المغربية في قضية الصحراء الغربية ساهمت في زيادة التوتر والتسليح في المنطقة مما قد يؤدي إلى انفلات أمني خطير يمكن أن يضر بمصالح أمريكا وحلفائها في الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.

اكتسبت الجزائر القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية الوازنة في المنطقة بعدا اقتصاديا استراتيجيا بالنسبة لمصالح حلفاء أمريكا في الاتحاد الأوروبي بعد اد الانعكاسات الخطيرة للحرب الروسية الأوكرانية على الأمن الطاقوي الأوروبي.

قد تضطر البوليساريو في ظل سلسلة الانتكاسات العسكرية المتتالية و الضغط والسخط الشعبي من فشلها في إدراة الجبهة العسكرية إلى العودة خالية الوفاض إلى التعاطي مع المسار الأممي من جديد.

يتخوف حلفاء أمريكا في الاتحاد الأوروبي من سباق التسلح المتصاعد في خاصرة أمنهم الجنوبي بين الجزائر والاحتلال المغربي وقد عبرت عن ذلك بعض دول الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.

تتخوف أمريكا وحلفائها الأوروبيين من أن تساهم الأزمة المشتعلة في منطقة الساحل والصحراء إلى تأزيم الوضع المتأزم في منطقة شمال افريقيا.

تخشى أمريكا في اطار حربها الصامتة مع التنين الآسيوي الصاعد من أن يستغل هذا الأخير الوضع المعقد و المتأزم لزيادة نفوذها الاقتصادي والسياسي والاستراتيجي في المنطقة.

يقول البروفيسور الأمريكي المشهور في العلاقات الدولية وصاحبة نظرية الواقعية الجديدة جون ميرشايمر: ” لا تصدقوا اللغة الدبلوماسية الأمريكية المعسولة والمهذبة فإنها تخفي وراء ذلك في الجلسات المغلقة لغة صارمة وسلطوية فظة.” هذا يقودنا أن أمريكا عادة ما تقدم الأوامر وما على المستمع الا حسن الاصغاء والاستماع حتى لا يجد نفسها مارقا متمردا على النظام العالمي.