«دي مستورا» و «هاريس» يقدمان للبوليساريو شيكا سياسيا بدون رصيد

«دي مستورا» و «هاريس» يقدمان للبوليساريو شيكا سياسيا بدون رصيد

إذا استثنينا الزخم الإعلامي الذي عرفته القضية الوطنية، تزامنا مع وصول المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد ستفان دي ميستورا الى المناطق المحتلة من الصحراء الغربية وأيضا مع زيارة نائب كاتب الدولة للخارجية الأمريكية المكلف بشمال افريقيا السيد جوشوا هاريس الى مخيمات اللاجئين الصحراويين ، فإنه من خلال المعلومات الشحيحة التي تسربت عن الزيارتين التي يظهر أنهمتا منسقتان تماما وليست صدفة، فإن ما يراد من هذا التحرك في الوقت بدل الضائع في إعتقادنا لا يخرج عن إحتمالين:
أولهما:
محاولة ايهام الصحراويين ان تمَكُن المبعوث الخاص الأممي من الوصول الى المناطق المحتلة بأنه عمل جبار أرغم المغرب على قبوله بعد محاولاته المتعددة لمنع هذه الزيارة. لقد تفاخر السيد دي ميستورا أمام أعضاء وفد المنظمات الحقوقية الصحراوية التي استقبلها في مقر المينورصو بالعيون لمدة ساعتين بقوله حرفيا: ” منذ عامين وأنا أعمل على تحقيق هذا اللقاء واليوم ها نحن نلتقي ” تبارك الله، علينا أن نصفق لهذا الإنجاز العظيم.
يا ترى، على من يضحك الماركيز ستيفان؟ هل يجهل الإيطالي المحنك الذي سجله حافل بالفشالات كمبعوث شخصي للمنظمة الأممية في جنوب لبنان وفي سوريا وأفغانستان، أن إقليم الصحراء الغربية مسجل لدى الأمم المتحدة كإقليم غير محكوم ذاتيا، طبقا للفصل الحادي عشر من ميثاق المنظمة و أن جميع قرارات الجمعية العامة تنص على حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والإستقلال و لذا وُجدت بعثة المينورصو بقرار رقم 690 الصادر سنة 1991عن مجلس الأمن و بالتالي كان على الماركيز الإيطالي و من سبقه من المبعوثين أن يبدأ عمله من أرض الصحراء الغربية قبل زيارة الدول المجاورة لأن المعني هو الشعب الصحراوي ولا أحد غيره ، و كان أو بالأحرى أن يصرح بماقاله لوفد المنظمات الحقوقية الصحراوية في غرفة مغلقة أن يخرجه الى العلن و يعترف للصحافة أنه منذ تعيينه كان ممنوعا من الوصول الى الصحراء الغربية بإرادة مغربية و أنه أتى متسللا الى الأقليم. فلولا تضحية المناضلين و خروج الجماهير الى الشارع لما عُلم بالزيارة و يكفي تضارب تصريحات المتحدث باسم الأمين العام السيد ستيفان دوجاريك الذي مرة يكذب و أخرى يؤكد قبل ذلك بيومين.
إن الماركيز دي ميستورا فضلا أنه ملزم بحشو تقريره الذي سيقدمه للأمين العام قبل موعد إنعقاد مجلس الأمن في أكتوبر القادم، يسعى الى بيع الوهم للبوليساريو بتسويق حل سياسي بعيدا عن تطبيق القرار 690 وهو المسار والهدف الذي جاء من أجله المبعوث الأمريكي.
ثانيهما:
في تناسق مع ما يخطط له السيد ستيفان دي مستورا وموكليه يكشف عنه نائب كاتب الدولة للخارجية الأمريكية السيد جوشوا هاريس في التصريح الذي أدلى به لصحيفة الخبر الجزائرية حيث قال بالمختصر أنه ” يحمل مقترحا من إدارة بايدن لحل سياسي للقضية الصحراوية يكون دائما ولائقا” دون ذكر تقرير المصير و أضاف: ” …فكما لاحظتم، فإن هناك تصعيد عسكري في المنطقة، لذلك، فإن هدفنا يكمن في إنجاح العملية السياسية، و هذا التصعيد يتعارض مع نجاحها” وهنا نصل الى مربط الفرس فكل هذه التحركات على قبل شهر واحد من تجديد إقامة المينورصو، هدفها شيء واحد هو وقف إطلاق النار من جديد ومنح مزيد من الوقت لإستتباب الإستيطان المغربي الإسرائيلي في الصحراء الغربية.
إن إدارة بايدن في آخر عهدتها متورطة حتى النخاع في حرب أوكرانيا، و دول العالم ومنها أقرب حلفائها بالأمس -السعودية مثلا- تحاول فك الإرتباط معها والتوجه الى التموقع في التشكيلة الجديدة التي يتدحرج اليها العالم، فهي بعيدة من أن تجد حلا سياسيا في آخر ايامها إن لم يكن تخفيف الضغط عن المحتل المغربي وفك الحصار عنه وانتظار تفتيت البوليساريو.
إن تكاملية الأدوار بين “الماركيز دي ميستويرا” و”اليانكي هاريس” تعطي الإنطباع بأن لا حل في الأفق لقضية الصحراء الغربية وأن أي هدنة عسكرية ستكلف جبهة البوليساريو غاليا، ويبقى موضوع البناء الذاتي والإنكباب على إعداد وبناء القوة الذاتية أمر ملح.
فعملية تصفية القضية الوطنية تقترب إذا لم تُستنفر كل الطاقات الوطنية القادرة على إفشال المؤامرة ويبقى سقف المطالب هو “التحرير” وليس شيء آخر.
نتمنى أن تترك البوليساريو ل”دي مستورا” و “هاريس” شيكهما السياسي بدون رصيد.
بقلم: محمد فاضل محمد سالم الهيط