خبراء أفارقة يؤكدون أن الجزائر تضغط لأجل السلام في النيجر والمغرب ينفخ في نار الحرب
تستعد فرنسا لتنفيذ تهديداتها الموجهة إلى المجلس العسكري في النيجر والمتعلقة بتدخل عسكري في حال عدم إطلاق سراح الرئيس محمد بازوم، وحسب مصادر مؤكدة نقلت عنها الإذاعة الجزائرية، فإن التدخل العسكري بات وشيكا والترتيبات جاهزة.
رفضت الجزائر طلبا فرنسيا بعبور الأجواء الجوية الجزائرية من أجل الهجوم على النيجر، وردها كان صارما وواضحا، حيث “لن تكون الجزائر مجالا لتنفيذ عمل عسكري على الجارة الجنوبية”.
وأفادت الإذاعة الوطنية، في وقت متأخر من ليلة الإثنين، أنه أمام الرفض الجزائري، توجهت فرنسا إلى المغرب بطلب الترخيص لطائراتها العسكرية عبور أجوائه الجوية، وأطلعت السلطات المغربية المختصة بمخططات الطيران، والتي قررت الاستجابة للطلب الفرنسي.
ووصفت الإذاعة هذا الموقف بأنه ” برهان من المغرب مرة أخرى أنه دولة مستعمرة، تخرق باستمرار القانون الدولي وتدعم التدخل العسكري في بلد حر ومستقل، وهو ما سيتذكره جيدا الشعب النيجري”.
بالمقابل، يؤكد خبراء وأكاديميون على قدرة الدبلوماسية الجزائرية في حل الأزمة التي تعرفها النيجر، عقب عزل العسكر الرئيس محمد بازوم والاستيلاء على السلطة بالقوة، مشددين على أن المغرب أصبح دولة وظيفية وسماحه لفرنسا بالمرور على أجوائه لتنفيذ عمل عسكري هنالك غرضه “تحقيق أكبر ضرر بالجزائر”.
وفي هذا الصدد، يقول العقيد المتقاعد رمضان حملات، عن إمكانية مضي المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا “إيكواس” في تنفيذ عمل عسكري في النيجر، إنه “من الصعب عليها تنفيذ عمل عسكري في الفترة الحالية”.
ويقدم العقيد حملات في حديثه لـ”الشروق” عدة أسباب موضوعية لعدم قدرة “إيكواس” على القيام بعمل عسكري حاليا، ويذكر أنّ “العمل العسكري معقد ويحتاج إلى تنظيم ومعرفة دقيقة بأماكن إنزال القوات في النيجر، والملاحظ أن غالبية دول الإيكواس ذات جيوش ضعيفة وتسليح سوفياتي قديم، باستثناء نيجيريا وبدرجة أقل السنغال.. الأمر قد يحتاج إلى 5 أشهر”.
ويشير العقيد حملات إلى تباين الرؤى بين مكونات “الايكواس”، حيث تعارض مالي وبوركينافاسو وحتى غينيا رغم أنها محسوبة على فرنسا، التدخل العسكري، وعن فرنسا يقول إن تفكك المجموعة سيلحق خسارة كبيرة بها وهي التي تحتفظ بـ50 بالمئة من العملة الصعبة لدول المجموعة لديها.
وفي تعليقه على القرار الجزائري برفض عبور الطائرات الفرنسية، يقول حملات “القرار سيادي، ويؤكد أن الجزائر دولة داعية للسلم ولم تكن أبدا مع العنف، وسبق أن رفضت عبور طائرات أمريكية لاستهداف التراب الليبي… هذا دليل على أن لا أحد يفرض على الجزائر رغبته”.
وفي الجهة المقابلة، يقول بشأن المغرب الذي سيسمح بعبور الطائرات الفرنسية على أجوائه لاستهداف النيجر، إنه أصبح “دولة بدون سيادة لا في سياساته الداخلية ولا الخارجية”، ويذكر أن هنالك دولا معينة أصبحت هي الآمر الناهي ومنها الكيان الصهيوني وفرنسا وأمريكا، وهي من تفرض الخيارات في المغرب بدل الملك والحكومة والمؤسسة العسكرية.
ويقدم الأكاديمي والباحث في جامعة إشبيلية الإسبانية، محمد بشير لحسن، نفس القراءة، قائلا عن هدف المغرب فتح مجاله الجوي إنّ “سلوك المخزن غير مستغرب لأن هذا الناظم وظيفي يلعب في أي ساحة تضر الجزائر”.
ويؤكد لحسن في تصريحات لـ”الشروق” عن قرار المغرب “التفسير الوحيد لعرض المخزن خدماته وفتح أجوائه لفرنسا لقصف النيجر مرده أنه يسعى لإلحاق أكبر ضرر بالجزائر خاصة تعطل المشاريع الاستراتيجية، ومن ذلك مشروع أنبوب الغاز الذي يُفترض أن يمر بالنيجر ثم الجزائر، والمخزن يود إشاعة الفوضى في النيجر وتعطيل المشاريع الأخرى للجزائر التي كانت مزمعة التنفيذ في عمقها الإفريقي” ويشدد في هذه النقطة “المخزن مستعد للدفع بالتدخل الخارجي وخلق بلبلة على حدودها لحدوث كارثة إنسانية ولجوء الآلاف إليها ما يهدد انهيار النظام الصحي والاجتماعي في جنوب الجزائر”.
أما عن الأوراق التي يمكن للجزائر لعبها لتفادي حرب جديدة على حدودها الجنوبية، فيعتقد المتحدث أن “الأوراق للجزائر محدودة نسبيا، فقد لعبت الورقة الدبلوماسية بشكل جيد جدا بما لها من ثقل في المنطقة خاصة بعد استشارة نيجيريا لها الشهر الماضي، حيث أوفدت أبوجا مسؤولا كبيرا والتقى بالسلطات وأبلغته الجزائر عن رفضها التدخل العسكري، وهو ما عطل التدخل الذي كان ممكنا أن يحصل بعد نهاية المهلة الأولى التي منحتها إيكواس للانقلابيين، إضافة إلى تحركاتها مع قوى كبرى، وتطابق مواقفها مع أمريكا وروسيا اللتين ترفضان التدخل العسكري وتدعوان إلى تغليب الحل السياسي”.