حرب الإستنزاف … الموت التدريجي لاقتصاد الإحتلال .
يتسائل المواطن المغربي عن ما حلَّ به في الثلاث سنوات الماضية، فثمن أساسيات العيش اليومي في ارتفاع مُستمر ، ومستوى الطبقة المتوسطة التي تعيش بالقروض الصغرى أصبحت لا تصل نهاية الشهر إلا بصعوبة كبيرة وبتقشف يصل أحيانا التنازل عن الكثير من الحاجيات اليومية الضرورية ، بل أن إحدى المواطنات المغربيات الغاضبات وصفت عيشة المغاربة اليوم بأنها ترقى لمستوى “المجاعة ” ، في الوقت الذي اختار فيه الناطقون باسم القصر اللجوء للكذب بكذبة أسلافهم ، والقول أن السبب في ذلك هي “الحرب في أوكرانيا و الازمة الدولية وغلاء نقل السلع” .
فكذب الناطقين باسم القصر اليوم هو نفسه الذي تفوّه به عبد الكامل الرغاي وزير المالية في حكومة المعطي بوعبيد 29 ماي 1981-في ذروة الهزائم العسكرية للجيش الملكي – عندما قال أن سبب غلاء المعيشة و رفع أسعار المواد الغذائية يعود “للأزمة الاقتصادية الدولية” ، وهو التصريح الذي تزامن آنذاك مع انتفاضة الخبز في المغرب والتي راح ضحيتها آلاف المغاربة قتلاً بالرصاص الحي من طرف الجيش المغربي الذي قام بقمع الاحتجاجات بأمر مباشر من الحسن الثاني . عندها لم يمتلك نظام المخزن الشجاعة ليصارح المغاربة أن سبب الازمة الاقتصادية هو مغامرته التوسعية وتكاليف الحرب الظالمة التي استهدفت الشعب الصحراوي وفشل الجيش الملكي في مواجهة ضربات أسود جيش التحرير الشعبي الصحراوي .
اليوم وكأن التاريخ يعيد نفسه، فالمستوى الاقتصادي والاجتماعي بمملكة الاحتلال والتوسع لا يخفى على أحد ، وبشهادة والي بنك المغرب نفسه الذي اعترف للمغاربة بالازمة لكنه التزم الصمت حول أسبابها الحقيقية، حتى أن الناطقين باسم القصر أو ما يسمى ب “الحكومة” اختاروا منهجية الوزير عبد الكامل الرغاي في الكذب ، وألصقوا الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة داخل المغرب بالوضع الدولي، لكن الحقيقة لا تخفى على العاقلين أو كل من يمتلك ذرة تأمل موضوعي للأحداث، أو أولئك الذين سمعوا ” الساحقات الماحقات ” وهي تتساقط على قواعد العدو العسكرية في الخلف ، بالسمارة وأوسرد والمحبس .
فحرب الاستنزاف التي يقودها أسود جيش التحرير الشعبي الصحراوي تُكلف الكثير وتستنزف خزينة المخزن بفعل الاقصاف اليومية والمستمرة التي تستهدف مختلف تخندقات العدو على طول الجدار البالغ طوله 2700 كلم، وما وراء الخط الامامي الدفاعي المعادي، وما يتكبده الجيش الملكي يوميا وارتفاع مستوى الانفاق العسكري لاقتناء المعدات التكنولوجية التي فشلت في إيقاف حرب الاستنزاف، بعد أن أصبحت القدرة الصاروخية للجيش الصحراوي قادرة على الوصول للقواعد الخلفية المعادية التي تتواجد بها قيادة الجيش الملكي الجبان، وهي القيادة التي توهمت أن بقائها في الخلف سيجعلها خارج خارطة الاستهداف، لكن الواقع اليوم يثبت العكس ، ولعل استهداف مقر ما يسمى “قيادة قطاع المحبس” في اليوم الرابع من شهر رمضان الجاري الموافق ل14 مارس 2024، وقبل ذلك استهداف المطارات العسكرية بمنطة كراير البوهي داخل التراب المغربي والقواعد الخلفية بقطاع السمارة وأوسرد و حوزة والقطاعات الأخرى لهو خير مثال .
لقد صمدت دار المخزن -نسخة الحسن الثاني – سبع سنوات 1975 – 1981 ليجد ملك المغرب نفسه مرغماً على مواجهة جموع المغاربة الجائعين بالرصاص الحي في “انتفاضة الخبز”، إلا أن النسخة الحالية للحكم في المغرب لم تصمد سوى ثلاث سنوات، حتى وجد نفسه محاصراً بصراخ المغاربة المحتجين بسبب الجوع و غلاء المعيشة، فلم يجد هذا النظام من أسلوب إلا اللجوء لتقوية أساليب الدعاية الناشرة للتفاهة لتنويم المغاربة أطول مدة ممكنة، وفي نفس الوقت فتح السجون للمعارضين والصحفيين المستقلين الذين فضحوا توغل الازمة في مفاصل بلد لايزال مواطنوه يركعون لغير الله.
وكعادته اختار نظام محمد السادس عبر “محكومته / الحكومة” الكذب على عموم المغاربة ليخفي هشاشة اقتصاده المتهالك أصلا قبل 13 نوفمبر 2020 فما بالك بتحمل تكاليف حرب تعتمد بالأساس على طول النفس، ليأتي الإعلان التاريخي للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب عن استئناف الكفاح المسلح وهو الخيار الاستراتيجي الذي سيقضي على ما تبقى من الصورة المزيفة لما يسمى “الدولة الامة و القوة الاقليمية” ، بعد أن قاد الغباء نظام الاحتلال نحو الهاوية واختار الغرق في وحل الكركرات، ليجد نفسه أمام وضع اقتصادي لا يحسد عليه بسبب حجم الاستهلاك اليومي للجيش المغربي، فحاول القفز في وحل آخر عنوانه “التطبيع ” و عقد “اتفاقيات دفاع مشترك” مع الكيان الصهيوني لعله يحمي نفسه ويتمكن من جلب أقصى ما انتجت التكنولوجيا الإسرائيلية في سلاح الدرونات وزيادة مستوى الرصد داخل جداره الدفاعي معتقداً أنه بذلك يوقف حرب الاستنزاف، إلا أن جواب المقاتل الصحراوي كان بمواصلة القصف وزيادة القدرة الصاروخية لتصل إلى ما وراء الجدار، ليظهر النظام المغربي في النهاية بأنه كالذي ينقش على الماء، وأن الرد على تجبره وطغيانه “سيأتي ولو بعد حين”.
ختاما ، هي الحرب والحرب سجال والأيام دُوَل ، والدقائق والساعات بأسرارها التي ستسر شعبنا وتشفي صدور رجاله ونسائه، وبالتأكيد ستكون تلك “الأسرار فاجعة للعدو ومعمِّقة لألمه ورعباً لمحور الشر” الداعم للإحتلال، وعامل المفاجئة كان دائما و أبدا بيد المقاتل الصحراوي المقتنع بحتمية النصر … وبيننا وبينكم الأيام .
المحافظة السياسية لجيش التحرير الشعبي الصحراوي .