تحركات وزيارات،فماذا وراء الأكمة ؟!

تحركات وزيارات،فماذا وراء الأكمة ؟!

إن تزامن زيارة الوفد الامريكي الرسمي للمخيمات ولقائه مع القادة الصحراويين وعلى رأسهم الامين العام للجبهة ؛ مع الزيارة المبرمجة اصلا لديمستورا للمنطقة لا يمكن النظر اليه كحدث عارض بمعزل عن التحركات القبلية التي قامت بها بعض الاطراف المهتمة والمعنية بالنزاع في الصحراء الغربية على حد سواء . ومن هنا يطرح السؤال التالي نفسه بإلحاح: هل يا ترى يمثل هذا التحرك المتنامي والمشوب بالغموض- إلا ما رشح رسميا- توطئة لخطة ما او مخطط جديد يحاول من خلاله اللاعبون الرئيسيون إحتواء أزمة الصراع في الصحراء الغربية وحرب قد يستعر اوارها في اية لحظة أمام إنسداد التسوية السلمية وتباعد مواقف طرفي النزاع البوليساريو والمملكة المغربية؟و هل ستوفق هذه الاطراف في تخفيف حدة التوتر و الذي قد تكون له تداعيات إقليمية؟ ما من شك أن الظرفية دقيقة جدا ومفتوحة على كل المراهنات والتكهنات والاحتمالات . وهل يمكن القول جدلا بأنه لا داعي للقلق وبأن تفاؤلنا المفرط كالعادة يوحي باننا ندخل مرحلة جديدة قوامها الجدية و تطبيقات القرارات الدولية؟
أسئلة كثيرة تطرح في الأفق لكن من خلال إستقراء التصريحات المعرب عنها أمميا و أمريكيا نستخلص أننا نواجه محاولات ابتزاز غير بريئة تروم تعويم المفاهيم والقرارات الخاصة بالتسوية السلمية في إصطلاحات عامة قد تشكل دون شك ترصدا يختال بزي الطهر والعدل ليقودنا مكرهين بالقبول اللامشروط لإنزياح فعلي وممنهج عن القواعد الاصلية والمشروعة التي تضمن للشعب الصحراوي استحقاقه المشروع في الحرية وتقرير المصير… كل المحاولات المطروحة لحد الساعة على الطاولة تؤكد بأن الغاية تبرر الوسيلة بعيد الالتفاف على حق الشعب الصحراوي و منعه من ممارسة حقه التاريخي..إذن من هذا المنظور ألسنا أمام طبخة معدة سلفا يرام إكراهنا على إبتلاعها ؟ وهل سنظل مقيدين بالسذاجة السياسية ونلذغ من الجحر مرتين؟
كل المؤشرات تدل على ان هناك شيئا ما يهيئ في الخفاء !! فأين كل هذا من الزيارة المرتبقة لأمريكا والاتصالات السرية لبعض الجهات؟
طيب إذا أخذنا بالنوايا – والساسة لايعملون بالنوايا- يمكن القول بأن هناك إشارات موحية من حيث الشكل يبدو وكأنها تتماهى مع مرجعيات المخطط الاممي لكنها في الجوهر إذا قرأنا الرسائل (الحل الواقعي نموذجا) نجد أنها محاولات ملتفة أو حتى كيدية تروم تقويض كل الجهود المبذولة ولربما اجهاض جميع المحاولات السابقة والمتمسكة بالحل العادل والشرعي للقضية الصحراوية.
إن التفنن في استخدام بعض التعريفات و المصطلحات بات يثير الريبة عند الصحراويين; تلك المصطلحات البراقة والشعاراتية (الحياة الكريمة و اللائقة…) ستبقى كلها بالنسبة للشعب الصحراوي تعريفات مشبوهة تخفي خلفها نوايا مبيتة . إن موقف الشعب الصحراوى بقيادة جبهة البوليساريو ثابت وبالتالي ليس مطروحا اليوم الخوض في غمار بعض البديهيات المسلّم بها،حيث بات من العبث النقاش سنة 2023 في مسلمات كمفهوم الإستفتاء وتقرير المصير …
و لم يعد ذلك اليوم مقبولا ؛ بل لا مجال للتساكن والتعايش مع أوهام فرضتها المرحلة أو بعض التطلعات الاستعمارية وأذنابها بالمنطقة.
لكن الاهم أن ما تسرب من معلومات واشارات يوحي جميعه ان المستهدف من التحرك برمته هو مقاومة الشعب الصحراوي، وشل العمل العسكري خاصة وان الاحتلال المغربي لم يعد بامكانه اخفاء وجود حرب حقيقية مكلفة في العتاد والارواح بغض النظر عن الاعباء الإقتصادية؛ وتلازما مع ضائقة النظام المغربي على المستويين الاقتصادي والاجتماعي ، والمخاوف التي تحيط بمستقبل النظام في ظل اللااستقرار والتحولات التي تشهدها القارة الافريقية.
لقد شكل هذا الوضع مبعثا للقلق لبعض القوى الدولية النافذة ذات الارتباط مصلحيا مع النظام المغربي ؛ ولذلك لا غرو ان تتحرك الادارة الامريكية في هذا الوقت لاحتواء و تطويق كل المضاعفات المستقبلية الممكنة تفاديا لاي تصعيد محتمل او تاجيج لتوتر اقليمي قابل للانفجار في اي لحظة وحرصا على معزوفة “الأمن والاستقرار “.
فاين نحن من كل هذا ؟ فهل سنخضع صاغرين للضغوط ونقدم ما بقي في جعبتنا من تنازلات أم أننا سنفرض هيبتنا كرقم صعب لايمكن تجاوزه؟
طبعا ؛ نحن على دراية تامة بان هذا النزاع لن يحسمه سوى صمود الشعب الصحراوي ومقاومته ونفسه الطويل حتى تتوفر الشروط الذاتية والموضوعية الكفيلة بخلق التوازن لصالح المشروع الوطني، طالما أن شعبنا قد خبرالوعود والمغالطات على مدار السنوات الماضية ولم يجن منها سوى المزيد من الاحباط والتحلل وهلم جرا ….
اننا اليوم مدعوون إلى وقفة مع الذات بتقييم المرحلة في كل مناحيها ولكن يبقى الشرط الذاتي كأولوية رهان نجاحنا المستقبلي..وتبقى جبهة البوليساريو كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي الضامن لهذه التطلعات فهل سنكون في حجم التحديات؟؟ ..

بقلم: لحسن بولسان