النظارات التى لا ترى تلاطم الأمواج العاتية
فضل محمد السادس، ملك المغرب، وفريقه الحاكم في الرباط القفز إلى المجهول عندما قرروا التملص من إتفاق السلام/ مخطط التسوية الذي صادق عليه الحسن الثاني سنة 1991 بعد ستة عشر سنة من حرب ظالمة ذات التكلفة الباهظة داخليا و خارجيا.
القيادة المغربية الشابة، بزعامة محمد السادس و صديقه عالى الهمة، التى تربعت على عرش العلويين منذ عام 1999، اعلنت أخيرا أنها اخترعت نظارات جديدة اصبحت ترى بها ما تعذر على نظارات الحسن الثاني رؤيته.
النظارات الجديدة أعادت النزاع الصحراوي- المغربي إلى المربع الأول أي إلى سنة 1975 من خلال:
1- تنكر مغربي لوجود الشعب الصحراوي و لحقوقه المقدسة و تمسك تام بسياسة الإلحاق القسري للصحراء الغربية من خلال الرجوع الى اطروحة الملف المطوي.
2- الاعتماد على إستراتيجية الرشوة وشراء الذمم و الإبتزاز و إعتبار المغالطات و تزوير الحقائق وقلب الوقائع هي أهم الحجج و القاعدة الصلبة للدفاع عن السياسة التوسعية المغربية في حلتها الجديدة.
فريق محمد السادس حسم أمره و توكل على تل أبيب وركب فى الدرجة الأولى على متن القطار السريع الذى إنطلق بسرعة تفوق سرعة البراق و أصبح هكذا لا يرى البلدان و القارات و البحار لأنها تمر من أمام نظارته الجديدة التي تلتقط له صورا لكل شيء و كأنه يسير و يسبح فى إتجاه معاكس.
زعيم الفريق الجديد لا تهمه الأشكال و يطربه الخلط بين الألوان و تسعده الأسفار جميعها إلا إلى وجهة واحدة هي الرباط التي بات يكرهها لأنها تؤرقه بخطاباته الرنانة و وجوه أصحابها التي اضحى يكرهها لأنها تذكره بحقائق لا يحب سماعها.
مع الأيام و الأعوام أصبح الفريق يشكو لزعيمه بأن القطار لم ينطلق أصلا من المحطة و أن كل الأصوات و مسلسل الصور المتعاقبة ليست سوى صدى لحركات رياضية من صنف الفنون القتالية
Combat des arts martiaux
التى يمارسها ربان القطار و مساعديه.
بات محمد السادس يبتعد عن فريقه الأول و اختار فريقا جديدا يلهيه عن متاعب الحياة الصعبة و مشاغلها التى تتعارض مع طبيعته و ميولاته.
توغل ملك المغرب فى عالمه الجديد المليء بالعواطف الإنسانية الجياشة و الروح الرياضية التى تعشق التزحلق و فنون رياضات القتال و الاحتفاء بانتصارات المونديال التي تسيطر على عقول الجماهير الشعبية الواسعة فى بلد أمير الفقراء صاحب الإنجازات الكبيرة و النموذج التنموي المغربي المتميز الذى اكتشفه العالم بعد زلزال الأحواز.
انشغل الملك و فريقه الجديد بين رحلات الصيف إلى قصره فى بوانت دونى بالغابون( Pointe-Denis) ورحلات الشتاء بين قصره المطل على برج ايفل( Tour Eiffel) بباريس و قصره الآخر ببلدة بيتز ( Betz ) بضواحي العاصمة الفرنسية بعد أن ظن أنه ضمن أمن عرشه بفضل القبة الحديدية والطائرات المسيرة و اجهزة الرصد والتنصت التي يعتقد هو و فريقه أنها قادرة على منع كل أنواع الإختراق الإلكتروني أو التسلل البشري.
حسابات القصر المغربي المعتدي و خبرائه الأجانب القدامى و الجدد مغلوطة مهما كانت الضمانات التى يقدمها الذين، فى الحقيقة، هم أحوج إليها.
سيفسد الشعب الصحراوي بإقدام أبنائه و شجاعتهم وبسالتهم المعهودة و إبداعاتهم المشهورة كل المخططات و الحسابات الرامية إلى شرعنة الاحتلال الاستيطاني المغربي.
تنكر محمد السادس و فريقه لإتفاق السلام/مخطط التسوية و الإستمرار فى الحرب الظالمة ضد الشعب الصحراوي و الانغماس فى المغامرة التي عمل الحسن الثاني على طي صفحتها ستكون له نتائج كارثية على العرش العلوي و علي مصير الشعب المغربي و سيادته، اللهم إلا إذا تحمل أبناؤه البررة مسؤولياتهم الوطنية و قرروا إنقاذ بلدهم و انتشاله من ويلات الحرب العدوانية التى لن يحصد من ورائها سوى المزيد من الفقر و الجهل و الخراب.
سيسجل التاريخ أن عهد حكم محمد السادس هو احلك زمن عاشه سكان المغرب الأقصى حيث ينتشر الفقر المدقع فى جميع مناطق البلاد و نسبة الجهل من أعلى مستوياتها فى أفريقيا و ضخامة المديونية و عجز الميزانية عصفا بسيادة و كرامة الشعب المغربي.
إن ما يبشر بقرب الكارثة هو أن محمدا السادس و افرقته و حلفاءه و خبراءه لا يرون، و لا ترى نظارتهم الجديدة، الأمواج العاتية التى تقترب من التلاطم حول الرباط.
بقلم : أمحمد/ البخاري