المواطن الصحراوي الغيث امبيريك يوجه رسالة إلي إبراهيم غالي
لن نجامل أحد على حساب الوطن .
رسالة إلى الرئيس إبراهيم ولد سيد المصطفى.
كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته.
السلام على من إتبع العقل وحاز مكارم الأخلاق
السلام عليكم و بعد ،
الإمين العام للجبهة السيد إبراهيم ولد سيد المصطفى ، أخاطب فيكم روح الوطنية وعهد الشهداء ، مستهلا رسالتي هذه بقول ابن خلدون في مقدمته ” أن الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها وهو كلام يناقض ما يعتقده الكثيرون ،في أن الشعوب تثور و تنتفض بعد أن تضيق عليها الحريات … ولكنكم عملتم أن لا يكون لشعبكم أي حياة ،حتى لا يكون له أي خيار ، أجهزتم على ما تبقى فيه من نخوة وجعلتموه شعبا تائها ، تلاطمه أمواج اللجوء والغربة والاحتلال و جشع نخبته ، فأطمئن لن يثور عليك ولن يشكل خطرا على ما تعتقده حكما
دعني أقول لك بصدق و أخبرك بما لم يخبرك به معاونوك أو من هم حولك ، أنك أصبحت رئيسا بدون شعب ، لأنك إختزلت القضية في شخصك والمقربين منك أو الموالين لك ،دون إعطاء أي إعتبار لبقية الشعب، لأن تعاملك مع سكوت الناس وصمتهم من وجهة نظرك الراديكالية، لا يعتبر فراسة ولا تقيما صحيحا لما أراد الناس منك أن تفهمه وتأخذه بعين القائد وليس بعين الغريم أو الند.
بصراحة كان جوابهم لك قويا ومحترما ، فالصمت بثقة وقوة ليس ضعفا ولا إنكسارا ، كما ظن من قبل بعض الحكام الذين لم يقدروا حقيقة هذه المواقف وكانت نهايتهم سيئة ومحبطة.
من الجانب المقابل عندما تسود قيم المساواة بين الجميع، فإن هذا الشعب تتحقق له كل أدوات القوة، أما أن يكون هناك تشتت وخلاف، فهذا يؤدي للانقسام و الفرقة، وبالتالي الضعف والهوان، لأنه لا يوجد نصر من غير وحدة ، وأنتم لم تتركون من الوحدة الوطنية غير الشعار.
مؤسف جدا أن نرى أربعة أجيال تتداعى وتضمحل تدريجياً من أجل قضية شعب أدارتها نخبة لا تحسن إدارة القضايا المصيرية ، أجيال تتحطم وتنهشها أخطاء نخبتها وقيادتها.
الأخ الرئيس ،لو قلنا أنك سبب في كل ما حدث لكان ظلم منا وإجحافا في حقك ولكننا نحملك وزر ما يحدث منذ المؤتمر الخامس عشر لأنك ببساطة أنت الآمر الناهي وأنت المسؤول الأول والأخير، لم تحسن إستخدام السلطة المطلقة التي منحت لك من طرف الشعب، رغم أن (السلطة المطلقة مفسدة مطلقة ) وأنت بيدك كل الصلاحيات ، لكنك لم تتقن استخدامها … لأن الكيانات والشعوب لاتدار بالعاطفة ولا بالابتزاز و لا بالخوف ولا بالحسابات الضيقة، بل بالعدل والمساواة وهذه أمور تعرفها قبل غيرك بحكم زهد عائلتك وصلاحها ، فما الذي أصابك ؟! الكل يتحدث عن عدم إستقرار شخصيتك حتى المقربون منك يقولون ذلك والبعض الأخر ذهبت به الظنون إلى أن هناك ضغوطات تمارس ضدك من قبل مجموعة هدفها الاستيلاء على السلطة من أجل المال ومآرب وتحالفات قبلية و مصالح مشتركة ووو.
ن نخفيك سرا حتى لو إفترضنا جدلا أن هناك ضغوط تمارس عليك، فإن هذا لايستحق منك هذا الضعف وهذه النرفزة بل وهذه الأخطاء الفظيعة التي ترتكب بإسمنا جميعا كشعب على أيدي أشخاص تجاوزوك وجعلوا منك أضحوكة و في النهاية يجهزون على ماتبقى لك من الآنفة ويمرقون كبرياءك.
هل تحتاج أن نذكرك أنه لم يأتي أحد ليبقى ، و إساءة إستخدام السلطة لإرغام الشعوب المقهورة أمام الإرادة المحمولة، مضت ومضى زمانها ولم تعد صالحة للاستعمال لكنكم للأسف الشديد نسيتم كل هذا بإعتمادكم لها في تسيير الشأن العام الصحراوي حتى فقدتم ثقة شعبكم، لأن الحلول المجانفة للصواب والترقاع وتدوير الفشل لن ينتج عنها غير الفشل.
الأخ الرئيس أظنك إلتقطت الإشارة من الجامعة الصيفية ببومرداس (أنه لا يوجد شعب حرر شعب) وهذه في حد ذاتها تقيم الحجة عليك وعلى الجماعة التي عمرت معك في إنتظار سحابة الأمم المتحدة الظاهر أنها لن تمطر قريبا ، علاوة أيضا على أن هناك إحساس من الأشقاء والحلفاء ،بعبء الذات والحمل الثقيل ، و عليه توقع الإفضل وحضر نفسك للأسوء، إذا لم تجهز نفسك للقادم الذي سيكون أصعب مع وجود تحالفات دولية ، وما ملتقى إفريقيا و روسيا ببعيد…!!
الاخ الرئيس إن الكمال في كل شيء مستحيل ، فمن طبيعة الحياة أن تكون ناقصة ، لهذا محاولتنا أن نمنعك من السقوط أفضل من مساعدتك بعد السقوط ،فوضعنا الداخلي والخارجي لا يخفى عليك ، فلقد وصل إلى حد لا يمكن مواصلته ، لأننا بدأنا العد العد العكسي والإنتقال من السيء إلى الأسوء ،مقارنة مع ما كان عليه الوضع قبل رئاستكم للدولة… فلقد دمرتم قوتكم البشرية بالتفرقة بينها (موالاة ومعارضة) حسب تصرفكم غير المسؤول، وهي سابقة في تاريخ البوليساريو ،ومسار محفوف بالمخاطر… بدأنا نجني ثماره بعد المؤتمر السادس عشر ،كأن القضية أصبت تعني مجموعة معينة دون بقية الشعب ، وهذا في حد ذاته خطر على شرعيتك كرئيس لكل الصحراويين ، وعلى الجبهة الشعبية كممل وحيد.
نصيحتي لك أن ما تسعى للاحتفاظ به لنفسك هو عدوك ، فلا تخن رفاقك الشهداء أما الأحياء فيعرفونك حق المعرفة، بعضهم يجاملك نفاقا للحفاظ على مصالحه وبعضهم يقول لك الحقيقة وهو الاقل ومع ذلك تتجاهلهم تماما بل تعتبرهم ” خصوم”، والبعض الآخر وهو الأكثر يأخذ العصا من الوسط ولا يهمه إلى مصالحه الشخصية والبقية من عامة الشعب بين ساخط على الوضع ومن حزم حقائبة وهاجر ، وعليه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه نطالبك بتقديم الإستقالة لأن فيها صلاح الرعية، لأن الجميع يعرف أن كل من يتمتع بسلطة ، فهو يسيء إستخدامها ،وقد أثبت ذلك كل التجارب الفاشلة التي مرت بها قيادات وحكومات ، أغراها الحكم وشهوة السلطة حتى هلكت نفسها وقادت شعوبها إلى الفتن والشتات، وهذه حقيقة لا يعرفها إلا من قرأ التاريخ وتأمله جيداً ولا أظنك فعلت.
الاخ الرئيس بالله عليكم لا تتركوا النار في قاع أنفسكم ، فمن العيب أن يرى العاقل النار في بيته والداء في شخص أمه المريضة وبالتالي يهمل الداء والدواء ، فلا مصلحة لأحد في إنقسام الشعب أو تهجيره، والعاقل من يترك تاريخا يذكر به ، حفاظا على وحدة شعبه وتماسكه ، لا نزعة الهدم والشك الذي لانهاية لها في كل شيء، والترويج لوحدة وطنية لم يبقى منها غير الشعار، زد على ذلك ظروف الحياة في اللجوء وتعقيداتها التي تزداد سوءا مع الوقت تحت حكم قيادتكم “الرشيدة” التي أظهرت فشل و ضعف المؤهلات التي إخترتم للتسيير وإيجاد الحلول للاختلالات والفجوات التي لعبتم دورا كبيرا في إحداث البعض منها وتفعيل البعض الآخر ،وفي صلب الحق ولا مبالغة إذ قلنا أن مثل هذه المواقف تمتحن الشجاعة الحقيقية لكل مناضل ، لأنه ينال بالرفق ما لا ينال بالشدة .
وفي ختام هذه الرسالة نتمنى أن تفهم هذا الأمر وتأخذه بعين الجد بعيدا عن شخصنته أو أي تفسير يسيء الى هذه البادرة التي أراها تخدم مصلحتك وسجلك الحافل بالتضحيات.
غايتي هي النصح ، من باب الغيرة على الوطن وعهد الشهداء و وحدة الشعب.
فإن أخطأت فمن نفسي وإن أصبت من الله.
اللهم أشهد أننا نصحنا وبلغنا والعاقبة للمتقين.
وطن لا تحميه لا يحق لك العيش فيه
الغيث امبيريك