الفاسدون بثوب الوطنيين جرعة تهدد الثورة ومسار المناضلين !
بعد خمسين عاما من الصمود والوجود والاستمرار في التضحيات والعطاءات والمكاسب والانجازات، فمادام يستمر الفاسدون والانتهازيون والمنافقون ومن يحسبون انفسهم مهتمين بمبادئ الثورة وهموم وانشغالات المناضلين ، من الصعب الحديث عن الأمل والتغيير واوفق لسلامة الثورة، وحتى لا نكون مثاليين، فإن السياسة عمومًا بطبيعتها تتحمل المناورة والكذب أحيانًا، والازدواجية، لكن الموضوع عندنا زائد ويفوق التوقع وكثير، خاصة ببعض مؤسساتنا الوطنية المهمة وذات مصادر مالية كبيرة ، وتخطى كل المسموح به جهويا ومحليًا رغم العقبات التي تمر منها تلك المساحة الجغرافية من التنظيم الاداري، وكأنك يا من تتابع وتنقل تغريداتي لمرؤسيك ومن تخاف على مصالحك الضيقة معهم ، والقصد للذين للمتورطين في فساد مسار الثورة الصحراوية، فطبيعى أننا لا نمسك للناس مقصلة أو نحاكم النوايا، لكن الحقيقة أن هناك فاسدين ومنافقين ومطبلين خطرين همهم تدمير الثورة وتعطيل سفينة المنجزات وتحقيق تطلعات الشعب، بإجماع الآراء، وانتهازيين باتفاق الأدلة، يتسللون ويقدمون أنفسهم فى ثياب الناصحين والمصلحين والوطنيين ، بل إن بعضهم أصبح يقدم نظريات فى السياسة الادارية، ويطالب بالتطهير والمكاشفة ووو ..، بينما أول مكاشفة تعنى أن يحاكم اداريا كل من يحاول الكلام في الحقائق او يفسد مقاصد متسللي المصلحة الضيقة ، وفى حال بقاء هؤلاء وتركهم يفعلون ما يشؤون على مرئ ومسمج الجمع دون إشارة إلى تصرفاتهم وأفعالهم المخلة بالمشروع الوطني ، يعنى أن فيروس الفساد يسكن القلب، وان ليس هنا فائدة لمن وضع فيهم الشعب ثقته لحمايته والدفاع عن مصالحه ومصالح الوطن والثورة..، ومعنى أن المنافقين الذين عبروا بمخالفة تسلل لها اهدافها ومقاصدها الخفية واستمرارهم يعنى ضياع أى إمكانية لتغيير الواقع الداخلي الهش رغم جهود البعض.
فى عالم السياسة المستوردة من الصعب أن تعثر على سياسي يقول الحقيقة، إلا لو كان سابقًا.. ستجد الوزير أو المسؤول أو الفاسد السابق يتحدث مثل ملاك بأجنحة، وينتقد الفساد، ويقدم رؤى عميقة للمشكلات، وحلولًا عبقرية، بينما وهو فى موقع المسؤولية يكون بليدًا وعاجزًا، وربما متورطًا فى شبهات بعد مغادرة مناصبه.
وطبيعة السياسة أن ما هو مطروح فى العلن من كلمات ضخمة، وحديث عن المبادئ والقيم العليا شىء، وما هو واقع وحادث من هذا الزعيم أو او ذاك المسؤول فذاك أمر آخر.. لن تجد فاسدًا يبرر الفساد، ولا لصًا يجادل فى كون السرقة أمرًا مستهجنًا، ولا انتهازيًا يمدح الانتهازية، بل إن الفاسدين والمنافقين والصفاكة هم الأكثر قدرة أحيانًا على انتقاد الفساد والدعوة للتطهير.مشهد يتكرر مرات كل ما كثر المدعوين لحدث وطني ..نفاق وصل حتى بعضهم إلى التصفيق بعد نهاية قراءة الفاتحة في بداية انطلاقة حدث.. وطني.
لماذا نقول هذا؟، لأن تجذر عدد كبير من محترفى الفساد وجرفات الهدم داخل المؤسسات الوطنية، وهم يتحدثون عن الطهارة والشرف، ولديهم نظريات فى الحديث عن الفساد والدعوة لمواجهته كأنهم من كبار رجالات أجهزة الرقابة، واحذر الفاسد الذى يتحدث كثيرًا عن مواجهة الفساد، وكثير من معارك نراها اليوم على الشاشات، أو مواقع التواصل، ظاهرها الحرص على الوطن، وباطنها المنافسة للبحث عن مكان بجوار السلطة، ومنه المصلحة الضيقة وهو بيت القصيد هنا والكلام موجه لأصحابه الذين مابدلوا تبديلا ..
وهناك منافقون عابرون يتواجدون بكل المؤسسات دورهم حضور انشطة الموالات و غلق الثغرات، يمتلكون قدرات على البقاء والاقناع بالاسلوب الفاسد، والعيب ليس عيبهم، لكنه عيب من منحوهم تلك الصفات وتلك الأماكن، ان سياسة التظليل والسماح لهؤلاء الفاسدين بالفوز والتموقع ، والوصول إلى مواقع التنفيذ والتشريع، تطرح سيل من الأسئلة على رأس هذه الأسئلة: هل خطابنا السياسي اليوم ومن يتحمل مسؤوليته تجاه الشعب والوطن على ما يرام ؟
اعتقد إننا بحاجة لمراجعة ثوب ثورتنا وخطابنا السياسي قبل الحديث عن اي مؤتمر او ندوة، عندها سوف يتأكد الناس أن الحديث عن المكاسب والانجازات والحرب هو مجرد كلام للاستهلاك السياسى.. لايكفى أن نتحدث عن مواجهة الفساد، بل الأهم هو اختراع كل القوانين التى تمنع الفساد من الحصول على هدايا التغيير.. إن الشىء الوحيد الذى يجب أن يظهر فى المرحلة المقبلة هو مصارحة الشعب او التسليم بالفشل ، والذى يجب أن يختفى هو الفساد المستشري بثوب النصح والتمصلح على حساب الشعب والوطن.