الرضى بالقليل..صفة العاجز مقال البشير مصطفى السيد

الرضى بالقليل..صفة العاجز مقال البشير مصطفى السيد

الهمة العالية و النظرة البعيدة والتصور الشامل وحشد جميع الامكانات وتعبئة كامل الطاقات حين وضع الخطة العامة لاستكمال تحرير الارض و السيادة عليها وساعة تمييز الساحات و تحديد الجبهات و تعيينها و تفصيل الاهداف الخاصة بكل جبهة وتسمية المهام المنوطة بكل منها واهم الاساليب التي عليها اتباعها من حيث المبدا و محصل التجربة ذلك ما على القيادة الكفأة التحلي به حين بلورة الافكار العامة واستخراج و استشفاف المخارج من العوائق و استخراج السبل من المضايق.اما حين الانطلاق في تجسيد الخطط و خوض معركة الفعل لتحويل الرغبات الى حقائق ميدانية محسوسة و المبتغيات الى انجازات ملموسة فلابد من التسلح بصدق النيات و علو المعنويات و قوة العزائم و عظيم الارادات و كامل الجد.لابد من تقدير الوقت حق قدره واعتباره الرأسمال الحقيقي وهبا من الخالق الكريم ان حسن تدبيره واجيد تسخيره واتقن استعماله فتضييعه هو التبذير عينه والاتلاف نفسه.

نحن عدنا للحرب و في ظروف عامة ايجابية و بفرص مساعدة و رياح دافعة ولكن ايضا هي الحرب و قد حافظ العدو فيها و لأجلها بكامل قدراته المراكمة على عبر الخمسة عشر سنة الاولى من الحرب وزاد عليها بكل منتوج تطور الحروب وسائل و اساليب خلال الفترة الفاصلة بين وقف اطلاق النار و العودة الى النار.ونحن علق بنا ما علق اسباب ضعف انتجتها عقود السلم السرابي و الاستقرار المغالط. العودة الى الحرب مكنتنا من تفصيل الجبهات الرئيسة تفصيلا و من ترتيبها تفضيلا ولكنا لم نحدد الاهداف و لم ندقق المهام و مراحل الانجاز ولم نخض في الاساليب والمتطلبات مما اسهم في تدني الفهم وأضاف في غموض الغايات و اشتباه الوجهات و ارتباك الخطوات و ضبابية التقييم والتخلص من اعمال معاييره. لم تحص كل جبهة على حدة التحديات الماثلة امامها بعد ترتيب الاهداف و لم تعدد الفرص المساعدة على انجاز المهمات المنوطة بها.ويعود السبب الرئيسي الى فقدان القيادة وجهل سنة العمل بالفريق و خلو المؤسسات من الكفاءات و بدائيتها.

الكل يعلم ان جيشا غير نظامي يحتاج،بعد ثلاثة عقود من السلم المزيف، اعادة بناء ووزارته تستعجل الترميم العميق و تأطيره التشبيب والتكوين.فالانشطة طيلة ثلاث سنوات يطبعها الاكتفاء بالقليل نتيجة ضعف التأطير و غياب القيادة.الاقصاف تكاد تكون روتينية والعمليات النوعية( كركرات ،اتويزكي، اسمارة،محبس الخ) لم تنظم و لم تنجز ضمن فعل متكامل و كمقدمة لمجهود للاستثمار في العمق والنشاط من خلف خطوط العدو و انما كوخزات معزولة تنبه العدو الى فتقات في سدوده خلل في دفاعه.

بالمجمل والمبدإ الاساس هو ان كل فعل ينتج ردة فعل والقيادة المحنكة هي التي لا تكتفي باعداد قوة الفعل فقط وانما تكون مستعدة لردة الفعل الجبهة الثانية،و هي المدن المحتلة وتثويرها و تأجيج انتفاضتها: نحن اكتفينا بقلة قليلة من المناضلات المعروفات لدى القاصي والداني يجتمعن في مناسبات في احدى المنازل او ركن بصفة خاطفة يرددن شعارات و يبعثن بصورهن مع الاعلام وبعض الاوصاف لاجراءات العدو القمعية. جميعنا نعلم ان الموقف الحاسم و ما يعتبره العالم هو مدى رفض شعب المدن المحتلة للاحتلال و المعبر عنها بالصدام والتظاهر والاعتصام والمقاس بالتعداد والشمولية او الرضى بالخمول والاتكال على المقاتلين و الدبلوماسيين و ترك الساحة بمظهرها و جوهرها لسلطات ومستوطني الاحتلال و من جرى مجراهم من عملاء “بلديات و انتخابات و شيوخ و شيخات”.التحديات امام الجهة المعنية بالامر الجلل و الشأن العظيم توعية وتثوير و تأطير ثلثي الشعب بالمدن المحتلة بكل فئاته و تواجداته وقياس النجاحات بارتفاع معدلات الصدامات والمظاهرات والاعتصامات و حالات عدم الاستقرار و الطمأنينة لأدوات العدو و مصالح المتورطين معه.

المشهدية القائمة هي اننا نرضى من المغانم بالسلامة و بخفي حنين. وان الجهات هي لترضية عشائر او تمثيل قبائل. اما الجبهة الدبلوماسية فالتحدي الاكبر و اضح و هو التكريس الاممي للاعتراف بالجمهورية الصحراوية من خلال العضوية في الامم المتحدة و الانتقال من الطروحات المشبوهة والحلول العرجاء ووصفاتها الناقصة الى الطرح المنسجم مع الطموحات و المكاسب و التضحيات. و نحن لدينا ثلاثة قادة للخارجية ولكنا نحتاج إلى تقسيم منطقي للعمل بينهم: يتكفل و لد سيداتي على سبيل المثال بالعلاقات الثنائية وولد السالك بالمتعدد الاطراف من شراكات و اعترافات و يتكفل الرئيس بسوس الكتيبة حفزا و توجيها و متابعة و تنظيم مشاركة و دعم بقية الاطر في النشاط الخارجي ساعة الحاجة اليهم او الفراغ لديهم.

اما الجبهة الداخلية و خصوصا شقها السياسي فالتحدي الاكبر هو تأطير الرجال كبارا و شبابا واقناعهم بتأدية الواجب الوطني في المجالات كافة. ان دور المنظمات الجماهيرية و الروافد لا يعوض لان الوظيفة التي انشئوا لأجلها هي تلك.

ان لم نرق الى مستوى المسؤولية التاريخية العظمى الملقاة على عاتقنا همة و نظرا و تصورا و صدقا و جدا فسنضيع الامانة و نعمر مقبرة السمارة اللاجئة قبل توسيع الارض المحررة او اعمارها.

بقلم : البشير مصطفى السيد