الرئيس ماكرون يتجاهل دعوات الملك محمد السادس لزيارة المغرب

الرئيس ماكرون يتجاهل دعوات الملك محمد السادس لزيارة المغرب

ملك المغرب يجدد دعوته إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لزيارة المغربصرحت وزيرة الخارجية الفرنسية، نهاية الأسبوع الماضي، كاثرين كولونا، خلال مقابلة مع قناة فرنسية إخبارية، أن الرئيس ماكرون تلقى دعوة جديدة من العاهل المغربي محمد السادس لزيارة المغرب.وقالت وزيرة الخارجية “جدد ملك المغرب في الآونة الأخيرة دعوته لرئيس الجمهورية خلال محادثاتهما هذا الصيف. ولا يزال يتعين علينا إيجاد تاريخ محدد، لكن لم يتسنى العثور عليه بعد” في جدول أعمال الرئيس.هذا التصريح أثار حفيظة الرباط، التي سارعت إلى نفي أن تكون زيارة إيمانويل ماكرون إلى المغرب “على جدول الأعمال”، وقد ورد ذلك في بيان صادر عن وكالتها الرسمية المغرب العربي للأنباء، بإسم مسؤول في الحكومة لم يكشف عن هويته.ويستغرب المصدر الحكومي المجهول، “لكون السيدة كولونا، اتخذت هذه المبادرة أحادية الجانب، ومنحت لنفسها حرية إصدار إعلان غير متشاور بشأنه بخصوص استحقاق ثنائي هام”.وأعربت رئيسة الدبلوماسية الفرنسية عن أملها في أن تتم تلبية الدعوة المقدمة من الملك محمد السادس، مشيرة إلى أنه لم يكن هناك أي تأجيل للزيارة، لأنه لم يتحدد موعدها بعد.ويكمن غضب الرباط من تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية في إظهار إصرارا ملك المغرب محمد السادس على توجيه دعوات متكررة للرئيس ماكرون لزيارة المغرب، خلافا لما كانت تتحدث عنه بعض الأوساط المغربية من أن الملك يرفض لقاء الرئيس الفرنسي.وعلى الرغم من توتر العلاقات بين البلدين، فإن ملك المغرب يقضي جزء كبير من وقته خارج البلاد في فرنسا أو أماكن أخرى. وتتحدث مصادر مطلعة أنه كان يتواجد في باريس أثناء حدوث الزلزال بالمغرب.وقبلت الرباط مساعدات من عدة دول أوروبية، بما في ذلك المملكة المتحدة وإسبانيا، لكنها لم تستجب لعرض باريس.فتور في العلاقاتشهدت العلاقات بين البلدين حالة من الفتور ابتداءً من سنة 2021، عقب اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، ورغبة الرباط أن تنحو فرنسا نفس المنحى. وكانت تتطلع أن تساهم باريس من داخل الإتحاد الأوروبي في تشجيع باقي الدول على دعم أطروحة الرباط للحكم الذاتي.وشنت الرباط حملة ضغط واسعة تجاه الدول الأوروبية مطلع 2021، لتبني مقاربتها المتمثلة في الحكم الذاتي إزاء الصحراء الغربية. وتمكنت من استمالة رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، إلى دعمها، عندما غير موقف بلاده التقليدي بدعم الحكم الذاتي “كأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع” في الصحراء الغربية.وتشير التحقيقات المتوفرة أن رئيس الوزراء الإسباني لم يكتب الرسالة التي قيل أنه بعث بها الى ملك المغرب بخصوص التحول الجذري في موقف بلاده. ومن الراجح جداً أن يكون دُفع إلى تبني هذا الموقف تحت الإكراه والابتزاز، لأن هاتفه يأتي ضمن قائمة المسؤولين الإسبان الذين تم التجسس عليهم من قبل الرباط عبر برنامج بيغاسوس الإسرائيلي.وتمر الرباط بتحديات جمة عقب استئناف العمل المسلح مع جبهة البوليساريو في الصحراء الغربية، و دخول قواتها منطقة الكركرات التي تعتبرها الأمم المتحدة منطقة عازلة، والاستيلاء عليها. وقد أدى ذلك إلى خرق وقف إطلاق النار وعودة شبح الحرب إلى المنطقة الذي كان متوقفا منذ عام 1991.وقال ملك المغرب في خطاب ألقاه بمناسبة ما يسمى في المغرب ثورة الملك والشعب “ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”.وأضاف أن قضية الصحراء هي النظارة التي يقيس بها نجاعة علاقاته مع الدول. وعلى الرغم أنه لم يشير إلى أي دولة بالتحديد، إلا أن فرنسا كانت من بين الدول المقصودة.وفي مطلع عام 2021، كان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قد دعا الدول الأوروبية إلى الخروج مما أسماه “منطقة الراحة” بخصوص موقفها من قضية الصحراء المغربية، وذلك عبر تبنيها الصريح أطروحة المغرب للحكم الذاتي.وعلى الرغم من زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية العام الماضي للمغرب، فإنها لم تساهم في إذابة الجليد في العلاقات بين البلدين.وترفض فرنسا الاستجابة لضغوطات المغرب لدفعها إلى الإعتراف لها بالسيادة على الصحراء الغربية، رغم أنها تدعم أطروحتها للحكم الذاتي.وترى محسن فينان عضو هيئة تحرير مجلة أورينت القرن 21 “أن مفهوم المغرب اليوم للعلاقات الدولية وعلاقات الجوار، يعني أن كل شيء يمر عبر الصحراء الغربية”.واضافت أنه منذ تحديد محمد السادس “المنظار” لقياس علاقاته بناءً على قضية الصحراء الغربية، فإنه قسّم الدول إلى صنفين: دول صديقة وأخرى معادية.وتشير محسن فينان أن هذا الأمر يظهر أن الدبلوماسية المغربية اختارت أن تلعب كل أوراقها، ودفعت بمطالبها إلى حدود قصوى. وعلى حد قولها، فإن من شأن هذه السياسة أن تأتي بنتائج عكسية.أزمة متفاقمةوتبدي باريس استيائها من إستخدام الرباط برنامج بيغاسوس الإسرائيلي للتجسس على هواتف مسؤولين فرنسيين من بينهم رئيس الوزراء إيمانويل ماكرون.ويرى بعض المراقبين أنه رغم الروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين، فإن العلاقات قد لا تعود لطبيعتها في ظل وجود ماكرون في السلطة.وتتوجس الرباط، في ظل حاجة أوروبا إلى غاز الجزائر، وتعاظم دوره هذه الأخيرة في المنطقة على الصعيدين الأمني والسياسي، من أن يحصل تقارب فرنسي جزائري على حساب المغرب.تظل هناك حاجة ماسة للمغرب إلى دعم باريس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء الغربية، خاصةً أن إدارة الرئيس بايدن بعثت وفد رفيع للقاء قيادة البوليساريو في مخيمات اللاجئين الصحراويين. وقد تكون تأكيد ملموس من عدم دعم الديمقراطيين قرار الرئيس السابق ترامب في مسألة الإعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.ومن غير المستبعد أن تمر الرباط بمتاعب سياسية جمة في الأشهر القليلة المقبلة، في ظل عدم وجود داعمين موثوقين لأطروحاتها داخل مجلس الأمن، إذا ما استمرت التوترات مع باريس، وراعت واشنطن مصالحها المتنامية مع الجزائر .إسبانيا الإتحاد الأوروبي الجزائر الصحراء الغربية المغرب الملك محمد السادس الولايات المتحدة الأمريكية