إلى الحالمين ومنتظري الفرصة السياسية المقبلة
في زمن صارت السياسة ومشتقاتها تتحكم في مصائر الأمم والشعوب، وتشغل حيزاً واسعاً من اهتمامات الناس، أبعث بهذه الرسالة إلى كل سياسي ومدير ومسير صحراوي ينتظر تعينه ضمن تشكيلة الحكومة القادمة، علها تجد آذاناً صاغية وقلوباً واعية.
فضلاً أجبني أيها السياسي والمدير والمسير البارع اللماح: ما هي الغاية من دخولك مضمار السياسة؟ هل هو تحقيق المكاسب الشخصية والشهرة على حساب شعب شتت الأمم المتحدة أفكاره بوعود العودة ؟ أم مساهمتك في الدفاع عن القضية الوطنية ولملمة جراحها في شتى المجالات؛ لتحقيق الأهداف الوطنية المنشودة في الحرية والاستقلال التي أعطى من اجلها الشعب الصحراوي الغالي والنفيس.
إن كان الغرض من دخولك السياسة هو تحقيق المكاسب الشخصية والشهرة واستغلال الوظيفة لاغراضك الشخصية؛ فستنشغل بالصراعات السياسية، وتصفية الحسابات مع خصومك السياسيين والمختلفين معك فكرياً، لتهمل ما ينفع الوطن والمواطن، من تطوير في مرحلتي التحرير والبناء ،
وترقية خدمات الصحة والتعليم والأمن والدفاع؛ ليروح المواطن ضحية تلك الصراعات، فيزداد فقراً على فقره ، ويرزح تحت وطأة المعاناة والمأسي!
ولن تتورع عن بيع تضحيات شعبك مقابل حفنة من الأموال، وجعله يُطيل الانتظار الذي تستبيح قواه وتنهب مساعداته الإنسانية ، وستوالي أعداء دينك ووطنك، وتكون أداة من أدوات الاستعمار الفكري والثقافي، ووسيلة من وسائل طمس الهوية.
وستحكم وفق أهوائك ومطامعك، فتستحل الدماء والأموال، وتحابي من تشاء، وتُقصي من تشاء، دون أن يطرف لك جفن، أو يستيقظ لك ضمير!
وستتنكر لشرع الله، وتزعم أن لا علاقة للدين بالحكم، وتتغاضى عن الأوامر الربانية الواضحة بالحكم بما أنزل الله، مثل قوله تعالى: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ) [المائدة: 49].
نعم، ستسكن القصور، وسيحيط بك الخدم والحشم من كل صوب، وستركب السيارات الفارهة المصفحة، ويحيط بك الحُرَّاس الذين يفسحون لك الطريق، ويحولون بينك وبين بسطاء الناس، وستطبق شهرتك الآفاق، وتتناقل تصريحاتك وسائل الإعلام!
ولكن ماذا بعد هذا كله؟!
سيكون مصيرك مصير من سبقوك من الذين فرَّطوا في المسؤوليات، وأضاعوا الأمانات؛ فلاحقتهم دعوات المظلومين ولعنات المسحوقين.
وربما انتُزعت منك السلطة انتزاعاً؛ لتُذَلَّ بعد عزة، وتُهانَ بعد كرامة، وتُلقى في غياهب المغضوب عليهم !
أو ربما أُجِّل حسابك ليوم تشخص فيه الأبصار، وقد ذهب عنك المال والسلطان، وفارقتك الألقاب والمناصب، فتقف بين يدي الملك الجبار عارياً حافياً، فيسألك عن كل صغيرة وكبيرة؛ فيطول بك الحساب، ويحيق بك العذاب!
ولن تخرج من هذه الدنيا – مثلك مثل الذين سبقوك في السياسة والتسيير – بغير اللحد والكفن، بعد الأبهة واستغلال السلطة، ليُرمى ذكرك في مزبلة التاريخ، مصحوباً بالسخط واللعن!
أما إن كانت غايتك من دخول مضمار السياسة المساهمة بكل وطنية وأمانة حافظا لعهدك وليمينك في شتى المجالات؛ فستقوم بواجبك تجاه دينك ووطنك، وستحكم بين الناس بما يرضي الله جل وعلا ورسوله عليه الصلاة والسلام.
وستستشعر المسؤولية الملقاة على عاتقك، والأمانة التي كُلفت بها، وتنظر إلى المناصب التي تقلدتها باعتبارها تكليفاً لا تشريفاً.
وستراقب الله في سرك وعلانيتك، وتتذكر أنه مطلع عليك، وتعدل بين رعيتك وفق شرع الله، وتقوم بواجباتك كأفضل ما يُرام، وتسعى جاهداً للنضال ولإصلاح والإحسان، وتؤدي حقوق الشعب الصحراوي وخدمة قضيته .
وحينها، ستلهج ألسنة الناس بشكرك والدعاء لك بالتوفيق والسداد، وسيعلو ذكرك مقروناً بالحب والثناء، وسيُكتب لك القبول في الأرض؛ لأن الله جل وعلا هو مقلب القلوب، وإذا أحب عبداً أودع محبته في قلوب عباده.
وستلقى الله جل وعلا وهو راضٍ عنك، فيوفيك حسابك بما تقرُّ به عينك، ويطمئن به فؤادك، في جنات ونهر، ومقعد صدق عند مليك مقتدر.
إذن، لك أن تختار أيها السياسي والمدير والمسير الحصيف الذكي بين الصنفين، وتذكر أن الملك بيد الله يؤتيه من يشاء، وينزعه ممن يشاء، وأن الله لا يصلح عمل المفسدين، ولا يهدي كيد الخائنين، وأن العاقبة للمتقين.
وأختم رسالتي بحديث تقشعر له الأبدان قاله الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى: (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) متفق عليه.
الخبر الصحفي