أنت وطني .. أنت خائن.؟!

أنت وطني .. أنت خائن.؟!

أنت خائن .. أنت مأجور .. أنت عميل .. أنت تضر بمصلحة الوطن .. أنت تسيء للقضية الوطنية.. أنت تعمل لجهات خارجية .. أنت..الخ؟! أما أنا فوطني .. مناضل .. منتمي .. لا أحد يستطيع المزاودة عليّ في وطنيتي.. مجعجعا من ( أسمع جعجعة ولا أرى طحينا ) عبارات ردح تسمعونها من كاتب هنا وناطق هناك.. فهذا يتهم هذا بالخيانة, وذلك يتهم بالعمالة, وما بين حدث هنا ومعمعة هناك, تطل التهم برأسها وقد فُصّلت تفصيلا..؟! فيُنصّبُ البعض أنفسهم آلهة للوطن, فيخوّنوا كل من ينطق لسانه بالحق, ويقوّم اعوجاجا, ويدعو لفضيلة وإصلاح, أو يشير إلى خلل, ويدعوا إلى خير, فتخرج أبواق السوء المسمومة, لتبصق سمومها, وتزّيف الحقائق, وتدلّس على الناس؛ ليختلط الحابل بالنابل, فتضيع الحقائق, ويُغيّب أهل الحق تحت مسميات العمالة والخيانة والعمل لجهات خارجية.

وحقيقة الأمر أن ما يُراد هو التشكيك بالوطنيين الشرفاء, الذين لا يألون جهدا في نطق كلمة الحق, ونقد الفساد والمتحايلين على القوانين, وإساءة استغلال السلطة والوظيفة العامة, والتلبيس على المواطنين ( الأغلبية الصامتة), والتي ما عاد ينطلي عليها شيئا, وإن كانت صامتة, فالحق أبلج واضح بيّن ساطع كنور الشمس, لا يغطيه غربال ولا غربان, وإن سكت البعض فلا يعني الرضا, بل هو الكبت الكبت, الذي لا بد أن يفيض يوما.؟! فالوطنية لا تُجسد بالأقوال والصراخ, بقدر ما تُجسد بالأفعال والتضحيات.

ولا أدري ما هي المعايير التي يستند إليها المخوّنين, ويرمون البعض من خلالها بتهم الخيانة والعمالة, فالأولى بكل مخوّن لآخر أن يقيم عليه الحجة, ويذكر التهم التي جعلته خائنا وعميلا من وجهة نظره, فذكر المعيار أمر في غاية الأهمية, فقد يكون معيار المخوّن من وجهة نظر المواطنين شرفا وشهامة وقمة الوطنية والأمانة, وأسوق لكم في هذا الأمر حكاية: في إحدى المؤسسات الوطنية في الشهيد الحافظ, قام أحد العمال البسطاء والمضطهدين من قبل متعهد (سمسار الرابوني ) في هذه المؤسسة, قد سلب العمال حقوقهم, وتخلى عن واجباته الأخلاقية كصاحب عمل, وناصفهم الأجر, وحرمهم الإجازات, وسلّ عليهم سيف العقوبات….الخ, بمعنى آخر استعبدهم وامتلكهم ( حكم القوي على الضعيف ) فتجرأ هذا العامل ورفع صوته ليوصله إلى إحدى الصحف الإلكترونية الوطنية, بعد اليأس من التغير, وبقاء حكم السيد والعبيد, فما أن نُشر الخبر, حتى استنفر المتعهد والمسؤول, وأبواق الزيف وضاربي الطبول, فاستدعي العامل الفقير, لمكتب السيد المدير, وبدلا من إنصافه, والاستماع إلى تظلّماته وحاجاته, كان القرار الصارم والأليم, وبكل بساطة أنت مفصول, وممنوع من الدخول, وعند سؤال العبد الفقير, كان الجواب : تهمتك (الإساءة للقضة االوطنية) لقد أسأت لعهد الشهداء أنت مفصول..؟!

والشاهد هنا أن معيار المسؤول ومن يزمر ويطبل له, أن مجرد رفع العامل صوته للمطالبة بحقه وحق زملائه الصامتين, هي إساءة وخيانة للوطن.؟ وللقارئ هنا معياره أيضا الذي قد يتناقض تماما مع معيار المسؤول.

فما بين معيار الوطنية ومعيار الخيانة, تطرح هذه التساؤلات نفسها بقوة… فهل سرقة المال العام وطنية, أم خيانة؟ وإذا كانت خيانة فلماذا تغلق الملفات الكبيرة بعد أن تُفتح..؟؟!! وهل إساءة استغلال الوظيفة بحكم المنصب من تعينات, ومنح الترقيات, وخص بعض الأشخاص غير الأكفاء وغير المستحقين بالبعثات والامتيازات والتسهيلات, وطنية أم خيانة؟ خاصة إذا ما نظرنا إلى النتائج المترتبة على هذا السوء؛ من تحطيم للمعنويات وقتل للانتماء, وتردي الوضع الوظيفي, وصناعة إنسان غريب في وطنه, فقط لأنه لا يملك الواسطة…؟ وهل في أعمال أصحاب الأقلام الذين يزيّنون الباطل, ويدافعون عن الظالم, ويقلبون الحقائق, خيانة أم وطنية؟ وهل في من يبث سمومه المرئية وغير المرئية, لنشر ثقافة الكراهية, بين مكونات الشعب الصحراوي, وطنية أم خيائة؟ هذه الأسئلة أترك إجابتها لكم, أيها القرّاء الأحرار.

موقع المخيم24